ننفرد بحوار صحفي " تخيلي"مع شهر رجب المحرم

صورة موضوعية
صورة موضوعية


بوجه وضاء وبلحية تتلألأ نوراً وجدناه جالس وسط قوم كلما دخل عليه فوج منهم قالوا: اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان " ثم جلس هادئ يكسوه الوقار وشامخ بهيبة وتواضع ..عرفت من أول وهلة أنه شهر رجب المحرم تقدمت نحوه والقيت عليه تحيته كما يقولها الداخلون عليه وتوضأت وبدأت بطرح الأسئلة عليه بشكل مباشر وبدون مقدمات 

بداية لماذا سميت برجب  ؟


بصدر رحب تقبل مباغتتي له ورد قائلاً :سميت رجبا لترجيب العرب قديماً الرّماح من الأسنة لأنها تنزع منها فلا يقاتلوا، ومعني اسم رجب أيضاً أي توقف عن القتال، وفي لسان العرب كان يقال : رجب الشىء أى هابه وعظمه،


و هل أنت من الأشهر الحرم ولماذا  ؟

نعم أنا من الأشهر الحرم مع ثلاثة من إخوتي وقد ذكرنا الله عز وجل في القرآن  في قولة تعالي في سورة التوبة، بالآية ٣٦ من السورة "إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ". 
ولكن لم ُتذكر بشكل محدد وصريح في القرآن الكريم فكيف عرفت أنك من الأشهر الحرم ؟


القرآن لم ُيفصل كثير من الأشياء ولكن جاءت سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم مفصلة وموضحة وقد ذكرني في حديثه بشكل واضح  وبالإسم حيث وردت بأحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم، حين قال "إنَّ الزَّمَانَ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ، السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا، مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ، ثَلاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ: ذُو القَعْدَةِ وَذُو الحِجَّةِ وَالمُحَرَّمُ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ"

وهل هناك آداب لابد من اتباعها عند قدومك ؟

نعم هناك كثير من  الآداب المتبعة عند دخولي علي المسلمين اولها حرمة القتال أو البدء فيه.

عفواً للمقاطعة ولكن هل كل القتال حرام فيك؟

لا ليس كل القتال إلا إذا كان دفاعا عن النفس والأرض والعرض.

وهل هناك آداب آخري غير التوقف عن القتل ؟

نعم هناك الكثير من الآداب التي يجب أن يتبعها المسلمون حال مجيئي منها فيجب عليهم الحذر من الوقوع في الإثم أو الخطايا أو تعمد فعل السيئات. 

لماذا يجب عليهم تحديداً الحذر في حضورك ؟

لانه  تغلظ فينا " أي نحن الأشهر الحرم "  دية القتل كما يكون ذنب الظلم فينا مضاعفا الا تذكر قول الله تعالي : «فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسكُم» فالله عز وجل يقصدنا نحن الأشهر الحرم

وما المقصود بالظلم في هذه الآية ؟

المقصود بالظلم في هذة الآية المعاصي كلها كبيرَها وصغيرَها، كفعلِ محرم أو ترك واجب، ويشملُ ظلمَ الإنسان في حقوق الخالق، وظلم الإنسان لنفسه، وظلم الإنسان للإنسان، وظلم الإنسان لأى مخلوق كما أن الظلم في فينا أشدُّ وأبلغُ في الإثم من غيرها، كما أن المعاصي في البلد الحرام تضاعف، لقوله تعالى: «وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ» [الحج:25].

وهل الذنوب سوي القتل تضاعف أيضا فيكم؟

نعم تتضاعف الذنوب إذا ما ارتكبت خلالنا

ومابال فعل الحسنات هل تتضاعف أيضاً أم يحاسب المسلم كسائر الأيام ؟

و الحسنات  تتضاعف أيضا وكذلك الأعمال الطبيةالأجر عليها يتضاعف.

وهل هناك أعمال تستحب فيك وفي اخوتك ذو الحجه وذو القعدة والمحرم؟

نعم هناك أعمل مستحبه حيث يستحب فينا الاقتراب من الله والسعي لنيل رضوانه كما يستحب فينا كذلك الصيام وكثرة قراءة القرآن. 

تُري ماهي الحكمة من تحريمك؟

 الحكمة  من تحريمي  أنتي كشهر رجب أسبق شعبان ورمضان، وبهذا تكون فرصة للمسلم النأي بنفسه عن المعاصي، استعدادا لتلك الأيام التي فرض الله فيها الصيام. كما أن الحج يكون في بعض أيامنا نحن الأشهر الحرم ، فتكون النفس أنقى، ومتفرغة للطاعة.

وهل يصوم الناس فيك ؟

الصوم فيّ -سواء في أولي أو في أي يوم فيّ جائز ولا حرج فيه؛ لعموم الأدلة الواردة  اليكم في استحباب التنفل بالصوم، وكذلك لم يرد ما يدل على منع الصوم فيّ، وأعتقد أنك علي علم بأن المقرر شرعًا أن "الأمر المطلق يقتضي عموم الأمكنة والأزمنة والأشخاص والأحوال"، فلا يجوز تخصيص شيء من ذلك إلا بدليل، وإلا عد ذلك ابتداعًا في الدين؛ بتضييق ما وسعه الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

وهل هناك أحاديث وردت تؤكد الصوم فيك؟

نعم وردت أحاديث كثيرة .

فهل يمكن أن تذكر لنا منها شئ؟

نعم فمما ورد في فضل الصوم فيّ بخصوصه حديث أبي قلابة رضي الله عنه قال: «فِي الْجَنَّةِ قَصْرٌ لِصُوَّامِ رَجَبٍ» رواه البيهقي في "شعب الإيمان"، ثم قال: [قَالَ أَحْمَدُ: وَإِنْ كَانَ مَوْقُوفًا عَلَى أَبِي قِلَابَةَ وَهُوَ مِنَ التَّابِعِينَ، فَمِثْلُهُ لَا يَقُولُ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ بَلَاغٍ عَمَّنْ فَوْقَهُ مِمَّنْ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ] اهـ.
وكما تري فاستحباب الصوم في شهر رجب ظاهر في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رضي الله عنهما، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» رواه النسائي، الا تري أن هذا الحديث قد دل ذلك على استحباب الصوم في شهر رجب؛ يقول الإمام الشوكاني في "نيل الأوطار" (4/ 292، ط. دار الحديث): [ظَاهِرُ قَوْلِهِ صلى الله عليه وآله وسلم فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ: «إنَّ شَعْبَانَ شَهْرٌ يَغْفُلُ عَنْهُ النَّاسُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ» أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ صَوْمُ رَجَبٍ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُمْ يَغْفُلُونَ عَنْ تَعْظِيمِ شَعْبَانَ بِالصَّوْمِ كَمَا يُعَظِّمُونَ رَمَضَانَ وَرَجَبًا بِه] اهـ.

سؤال ما قبل الأخير هل يذبح عند قدومك الذبائح أم لا؟

مطلق الذبح لله فعند قدومي ليس بممنوع، بل هو كالذبح في غيري من الشهور.

ولكن هناك من يقول ذبيحة رجب أو الرجبية أو العتيرة كما كان يطلقون عليها قديماً فما تفسيرك لذلك؟

جاء الإسلام والعرب يذبحون في شهر رجب ما يسمى بالعتيرة أو الرجبية، وصار معمولًا بذلك في أول الإسلام؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ عَلَى كُلِّ أَهْلِ بَيْتٍ أُضْحِيَةً وعَتِيرَةً» رواه الترمذي.
لكن الفقهاء اختلفوا بعد ذلك في نسخ هذا الحكم:
فذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أن طلب العتيرة منسوخ؛ مستدلين بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا فَرَعَ وَلَا عَتِيرَةَ» رواه مسلم.
وذهب الشافعية إلى عدم نسخ طلب العتيرة، وقالوا باستحبابها، وهو قول ابن سيرين.
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح": ويؤيده ما أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه -وصححه الحاكم- وابن المنذر عن نبيشة قال: نادى رجلٌ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: إنا كنا نعتر عتيرة في الجاهلية في رجب، فما تأمرنا؟ قال: «اذْبَحُوا للهِ فِي أَيِّ شَهْرٍ مَا كَانَ، وَبَرُّوا اللهَ وَأَطْعِمُوا» رواه أبو داود وغيره بأسانيد صحيحة، قال ابن المنذر: هو حديث صحيح.

قال الإمام النووي في "المجموع" (8/ 445): [قال الشافعي: والعتيرة هي الرجبية، وهي ذبيحة كانت الجاهلية يتبررون بها في رجب، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لا عَتِيْرَةَ» أي: لا عتيرة واجبة، قال: وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «اذْبَحُوا للهِ فِي أَيِّ شَهْرٍ مَا كَانَ» أي: اذبحوا إن شئتم، واجعلوا الذبح لله في أي شهر كان] اهـ.
وقال أيضًا (8/ 446): [فالصحيح الذي نص عليه الشافعي واقتضته الأحاديث: أنها لا تكره، بل تستحب، هذا مذهبنا] اهـ.

السؤال الأخير هل هناك دعاء مخصص عند قدومك ؟

الأمر في الدعاء واسع؛ لعموم قول الله تعالى: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: 60]، وقال تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ﴾ [البقرة: 186]، والدعاء في أول ليلة مني بخصوصه مستحبٌّ، وهي ليلة يستجاب فيها الدعاء كما ورد ذلك عن سلفنا الصالح؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "خَمْسُ لَيَالٍ لَا يُرَدُّ فِيهِنَّ الدُّعَاءُ: لَيْلَةُ الْجُمُعَةِ، وَأَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبَ، وَلَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَلَيْلَةُ الْعِيدِ، وَلَيْلَةُ النَّحْرِ". رواه البيهقي في "شعب الإيمان".
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه في كتابه "الأم" (1/ 264): [وَبَلَغَنَا أَنَّهُ كَانَ يُقَالُ: إنَّ الدُّعَاءَ يُسْتَجَابُ فِي خَمْسِ لَيَالٍ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ، وَلَيْلَةِ الْأَضْحَى، وَلَيْلَةِ الْفِطْرِ، وَأَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ، وَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ] اهـ.
 

ترشيحاتنا